دور الإعلام في دعم اللاجئين
دور الإعلام في دعم اللاجئين
قصص اللجوء واللاجئين، ومشاهد الموت غرقاً وسط أمواج البحر، أو عطشاً عبر رمال الصحراء، ومشاهد الترحيل المستمر لأولئك المهاجرين من دول اللجوء إلى دول أخرى.. كل ذلك دفعنا في "جسور" إلى عقد ندوة دولية لدعم قضايا اللاجئين في العالم، وبالتحديد عن طريق وسائل الإعلام التي يتفق الجميع على أن ما تبثه أو تنشره أو تتداوله من معلومات، يؤثر إيجاباً أو سلباً على اللاجئين.
في جامعة جنيف العريقة عقدت الندوة التي شارك فيها معي اثنان من الخبراء والمختصين في قضايا اللاجئين، واثنان من اللاجئين من تشيلي ممن هربوا في زمن الدكتاتور بينوشيه ورووا قصصهم في تلك الحقبة، وقصة اللجوء والمعاناة على مدى سنوات طويلة، وهما اليوم يناضلان من أجل اللاجئين الجدد.
حسب آخر إحصائية لمفوضية شؤون اللاجئين في شهر مايو الماضي، فقد بلغ عدد اللاجئين في العالم 120 مليون لاجئ، والمؤسف في هذا الرقم أنه ازداد 8 بالمئة على العام الماضي، ما يؤكد أن قضية اللاجئين مستمرة وفي تصاعد، وأن الجهود الدولية فشلت في علاج هذه القضية الناتجة إما بسبب الحروب والصراعات، فيهرب الناس بحثاً عن الأمن والأمان لهم ولأسرهم ولأطفالهم، أو بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة في دولهم والسعي من أجل الحصول على فرصة عمل أفضل، وبالتالي حياة، وهؤلاء هم الأغلبية من المهاجرين واللاجئين.
مسألة اللاجئين واللجوء كبيرة ومتشعبة، ما كان يهمنا في هذه الندوة -التي نظمها "مركز جسور للإعلام والتنمية" في جنيف- هو دور الإعلام والإعلاميين في هذه القضية، وخصوصاً أنه أصبح واضحاً أن بعض وسائل الإعلام والإعلاميين يلعبون دوراً سلبياً، ويساهمون في تشويه اللاجئين والتخويف منهم، والدفع بعدم استقبالهم في دولهم أو طردهم إذا ما كانوا موجودين، وفي سبيل ذلك يتم التركيز على السلوكيات السلبية وأحياناً الإجرامية لبعض اللاجئين وتعميمها على الجميع، وبالتالي شحن المجتمع والمسؤولين في الدولة ضدهم.
والإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي يتم استخدامها للأغراض نفسها، فأصبحت مصدر تشويه وإزعاج للاجئين، فيعيش اللاجئ في وضع صعب بفقده الأمان مرتين، المرة الأولى التي هرب فيها من بلده، والمرة الثانية عندما اكتشف أن المكان الذي كان يعتقد أنه سيجد فيه الأمن والأمان، هو مكان غير آمن أيضاً!
وما يجعل الحديث عن اللاجئين والتركيز على قضيتهم مهماً في هذا التوقيت، هو أننا على مشارف مرحلة جديدة في التعامل مع اللاجئين وخصوصاً في أوروبا، مع وصول اليمين المتشدد إلى الحكم في العديد من الدول، وأحد الملفات التي يركز عليها اليمين هو رفض اللاجئين والتخلص منهم، وفي سبيل ذلك يتم استخدام وسائل الإعلام وبعض الإعلاميين اليمينيين أو المؤيدين لليمين، وفي الوقت نفسه أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي خياراً رئيسياً لهم في حملتهم ضد اللاجئين والمهاجرين.
الأمر الذي يتطلب أن يكون للأمم المتحدة وأجهزتها المختلفة، ولمفوضية شؤون اللاجئين، وكذلك مفوضية حقوق الإنسان، دور أكبر في حماية اللاجئين، من خلال مواجهة هذا التحدي إعلامياً.